في تعريف السواك لغـةً واصطلاحـاً : تعريف السواك في اللغة : السِواك : بكسر السين ، ويطلق السواك على الفعل وهو الاستياك ، وعلى الآلة التي يستاك بها ، ويقال في الآلة أيضاً مِسواك بكسر الميم ، يقال ساك فاه يسوكه سوكاً ، فإن قلت : استاك لم تذكر الفم .
والسواك مذكر نقله الأزهري عن العرب قال : وغلط الليث بن المظفر في قوله إنه مؤنث ، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر لغتان . قالوا : وجمعه سُوُك بضم السين والواو ككتاب وكُتُب ويخفف بإسكان الواو وربما همز فقيل سؤاك .
والسواك مشتق من ساك الشيء إذا دلكه .
وقيل إنه مشتق من التساوك يعني التمايل يقال جاءت الإبل تتساوك أي تتمايل في مشيتها .
والصحيح : أنه من ساك إذا دلك ( [6] ) .
السواك في اصطلاح الفقهاء : يطلق السواك على الفعل وهو الاستياك وعلى الآلة التي يستاك بها .
وقد عرف الفقهاء السواك بتعريفات متقاربة :
فعرفه الحنفية : أنه اسم لخشبة معينة للاستياك ( [7] ) .
وعرفه المالكية : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لاذهاب الصفرة والريح ( [8] ) .
وعرفه الشافعية والحنابلة : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لاذهاب التغير ونحوه( [9] ).
وأشمل هذه التعاريف : تعريف الشافعية والحنابلة فهو أعم من تعريف الحنفية الذين قصروه على كونه اسماً للخشب الذي يستاك به، وتعريف المالكية الذين حصروا استعماله على اذهاب الصفرة والريح .
في مشروعية السواك وفضله :
الأصل في مشروعية السواك وفضله نصوص كثيرة من السنة منها :
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : (لولا أن أشق على أمتي
- أو على الناس- لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)( [10] ) وفي رواية( عند كل وضوء)( [11] ) .
2- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي r (كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك)( [12] ) .
3- حديث حذيفة رضي الله عنه قال : كان النبي r (إذا قام من الليل يشوص( [13] ) فاه بالسواك)( [14] ) .
4- حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات عند النبي r ذات ليلة ، فقام نبي الله r من آخر الليل ، فخرج فنظر في السماء ، ثم تلا الآية في آل عمران : { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار} حتى بلغ { فقنا عذاب النار}( [15] ) ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ ، ثم اضطجع ، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء فتلا هذه الآية ، ثم رجع فتسوك فتوضأ ، ثم قام فصلى( [16] ) .
5- حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : ( أكثرت عليكم في السواك)( [17] ) .
6- حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول : إن من نعم الله عليَّ أن رسول الله r توفى في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري ، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته : دخل عليَّ عبد الرحمن وبيده السواك ، وأنا مسندة رسول الله r ، فرأيته ينظر إليه ، وعرفت أنه يحب السواك ، فقلت : آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم ، فتناولته فأشتد عليه ، وقلت : ألِّينه لك ؟ فأشار برأسه أن نعم ، فلينته فأمرَّه( [18] )…)( [19] ) الحديث .
7- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي r (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)( [20] ).
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على مشروعية السواك وفضله ولو لم يرد في السواك إلا أنه مرضاة للرب لكفى إذ المسلم مأمور بفعل ما يرضي ربـــــه .
السواك خصلة من خصال الفطرة :
دل على أن السواك خصلة( [21] ) من خصال الفطرة( [22] ) أحاديث منها :
1- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله r : (عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم( [23] ) ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء)( [24] ) .
قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة( [25] ) .
2- حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال : (من الفطرة : المضمضة ، والإستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ،
ونتف الإبط ، والإستحداد( [26] ) ، وغسل البراجم ، والإنتضاح( [27] )، والاختتان)( [28] ) .
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في تفسير قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن . . .} الآية( [29] ) . ابتلاه الله بالطهـارة : خمس في الرأس ، وخمس في الجسد ، في الرأس قص الشارب ، والمضمضة، والاستنشاق، والسواك ، وفرق الرأس ، وفي الجسد : تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر الغائط والبول بالماء( [30] ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في كلامه على الفطرة في هذه الأحاديث : المراد أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحثهُم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة ( [31] ) .
وقال ابن القيم رحمه الله الفطرة : فطرتان : فطره تتعلق بالقلب وهى معرفة الله ومحبته وإيثاره على ماسواه . وفطرة عملية هى هذه الخصال .
فالأولى : تزكي الروح ، وتطهر القلب .
والثانية : تطهر البدن . وكل منهما تمد الأخرى وتقويها ( [32] ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله : إن الله جعل شرائع الفطرة على نوعين :
أحدهما يطهر القلب والروح ، وهو الإيمان بالله وتوابعه : من خوفـه ورجائه ، ومحبته والإنابة إليه ، قال تعالى : { فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الديـن القيم ، ولكن أكثر الناس لايعلمون ، منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}( [33] ) فهذه تزكي النفس ، وتطهر القلب وتنميه ، وتذهب عنه الآفات الرذيلة ، وتحليه بالأخلاق الجميلة، وهى كلها ترجع إلى أصول الإيمان وأعمال القلوب .
والثاني : مايعود إلى تطهير الظاهر ونظافته ، ودفع الأوساخ والأقذار عنه ، وهى هذه العشرة ، وهى من محاسن الدين الإسلامي ، إذ هى كلها تنظيف للأعضاء ، وتكميل لها ، لتتم صحتها وتكون مستعدة لكل مايراد منها ( [34] ) .
حكــــم الســــواك :
أكثر أهل العلم يرون أن السواك سنة وليس بواجب( [35] ) .
وذهب داود إلى أن السواك واجب لكن لا تبطل الصلاة بتركه( [36] ) .
وقال إسحاق بن راهويه : السواك واجب فإن تركه عامداً بطلت صلاته ، وإن تركه ناسياً لم تبطل( [37] ) .
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية :
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : (( لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ))( [38] ) .
وجه الدلالة من الحديث من وجهين :
الوجه الأول : ماذكره الإمام الشافعي أنه لو كان واجباً لأمرهم به شق أو لم يشق( [39] ) .
الوجه الثاني : أن في قوله (( لأمرتهم )) دليل على أنه لم يأمرهم به( [40] ) .
2- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله r : (( عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء )) قال زكرياء : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة( [41] ) .
وجه الدلالة من الحديث :
أن الرسول r وصف السواك بأنه من الفطرة ، والفطرة من معانيها السنة فيكون السواك مسنوناً لا واجباً( [42] ) .
3- ولأن السواك من النظافة وهي مندوب إليها( [43] ) .
واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية :
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)( [44] ) .
وجه الدلالة من الحديث : أن الأمر على حقيقته وهو الوجوب( [45] ) .
2- حديث أبي أمامة r أن رسول الله r قال : (تسوكوا؛ فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب… . .)( [46] ) .
وجه الدلالة من الحديث : أن الأمر فيه للوجوب( [47] ) .
3- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ش (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)( [48] ).
وجه الدلالة من الحديث أن في ترك السواك إغضاباً للرب تبارك وتعالى أخذاً بمفهوم المخالفة ولا يكون ذلك إلا بترك ما أمر به على سبيل القطع والوجوب ، وإلا لما كان غضب الله على ترك تلك السنة .
4- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش (كان لا يرقد ليلاً ولا نهاراً فيتيقظ إلا تسوك)( [49] ) .
وجه الدلالة من الحديث أن فعل الرسول ش للسواك وعدم تركه والمبالغة فيه يدل على الوجوب .
وقد نوقشت هذه الأدلة بما يأتي :
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : (لولا أن أشق . . .) أجيب عنه بما ذكره الحافظ ابن حجر في الحديث دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة لأن السواك عند كل صلاة مندوب إليه، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به( [50] ) .
وما سبق من قول الشافعي أن الحديث فيه دليل على أن السواك لـــيس بواجب لأنه لو كان واجباً لأمرهم به شق عليهم أو لم يشق( [51] ) .
قلت : ففي ذلك دلالة صريحة على أنه لم يأمرهم به .
2- حديث أبي أمامة ضعيف كما تقدم في تخريجه .
3- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش قال : (السواك مطهرة للفم . . . أجيب عنه بأنه استدلال بالمفهوم يعارضه الاستدلال بالمنطوق في قوله ش (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم . . .) ومعلوم عند الأصوليين أن الاستدلال بالمنطوق مقدم على الاستدلال بالمفهوم( [52] ) .
4- حديث عائشة رضي الله عنها كان النبي ش (لا يرقد ليلاً ولا نهاراً . . .) أجيب عن الاستدلال به ، بأنه حديث ضعيف ضعفه الحافظ ابن حجر( [53] ) .
والراجح أن السواك سنة مؤكدة وليس بواجب لحث النبي ش ومواظبته عليه وترغيبه فيه وتسميته من خصال الفطرة .
أوقات تأكد السواك :
تبين فيما سبق في المبحث الرابع أن السواك سنة مؤكدة حث النبي ش عليها بقوله وفعله وواظب عليها .
وفي هذا المبحث أبين الأوقات التي يتأكد فيها استحبابه :
اتفقت مصادر الفقهاء على تأكد استحباب السواك في حالات وانفرد بعضهم بذكر حالات لم يذكرها غيرهم وسأذكر أوقات تأكده عند كل أهل مذهب ومنها تتبين الأوقات التي اتفقوا على تأكد استحبابه فيها .
يتأكد استحباب السواك عند الحنفية في الأحوال الآتية :
عند الوضوء ، وعند القيام للصلاة ، وعند قراءة القرآن ، وعند القيام من النوم ، وأول مايدخل البيت وعند اجتماع الناس وعند تغير الفم وعند اصفرار الأسنان ( [54] ) .
ويتأكد استحبابه عند المالكية في الأحوال الآتية :
عند الوضوء ، وعند الصلاة ، وعند قراءة القرآن ، وعند الإنتباه من النوم ، وعند تغير الفم ، وعند طول السكوت ، وعند كثرة الكلام ، وعند أكل مافيه رائحة( [55] ) .
ويتأكد استحبابه عند الشافعية في الأحوال التالية :
عند الوضوء ، وعند القيام للصلاة ، وعند قراءة القرآن أو الحديث أو العلم الشرعي ، أو ذكر الله تعالى ، وعند القيام من النوم ، وعند تغير الفم ، ويتغير بنوم أو أكل أو جوع أو سكوت طويل أو كلام كثير أو نحو ذلك عند الاحتضار ، وفي السحر ، وعند الأكل ، وبعد الوتر ( [56] ) .
ويتأكد استحبابه عند الحنابلة في الأحوال الآتية :
عند الوضوء ، وعند الصلاة ، وعند دخول المسجد ، وعند قراءة القرآن ، وعند الانتباه من النوم ، وعند الغسل ، وعند دخول البيت، وعند إطالة السكوت ، وعند صفرة الأسنان ، وعند خلو المعدة من الطعام( [57] ) .
ومما تقدم يتبين أن الفقهاء متفقون على تأكد استحباب السواك في الحالات التالية :
1- عند الوضوء . لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ش : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)( [58] ) .
2- عند القيام للصلاة . لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)( [59] ) .
3- عند القيام من النوم . لحديث حذيفة رضي الله عنه قال : (كان النبي ش إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)( [60] ) .
4- عند دخول المنزل . لحديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي ش كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك)( [61] ) .
5- عند تغير الفم واصفرار الأسنان . لحديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي ش قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)( [62] ) .
حكم السواك للصائم :
لا خلاف بين الفقهاء في جواز السواك للصائم قبل الزوال( [63] ) .
واختلفوا في حكمه بعد الزوال على قولين :
القول الأول : أن السواك جائز مطلقاً في أول النهار وآخره ، وهو مروي عن عمر ، وابن عباس ، وعائشة رضي الله عنهم والنخعي وابن سيرين وعروة( [64] ) وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية( [65] ) واختيار النووي( [66] ) وشيخ الإسلام ابن تيمية( [67] ) وابن القيم( [68] ) والشوكاني( [69] ) .
القول الثاني : أن السواك يكره للصائم بعد الزوال وهو مروي عن عطاء ومجاهد وإسحاق وأبي ثور( [70] ) وهو قول الشافعي وأحمــــد في المشهور من المذهب( [71] ) .
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية :
بعموم الأحاديث الواردة في السواك فإنها مطلقة لم تقيده بوقت دون وقت، ومن ذلك:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : (لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)( [72] ) .
وجه الدلالة من الحديث : أنه يدخل في عمومه كل صلاة ، صلاة الظهر والعصر والمغرب للصائم والمفطر( [73] ) .
2- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش (إذا دخل بيته بدأ بالسواك)( [74] ) .
وجه الدلالة من الحديث أنه عام في أي وقت دخل سواء كان صائماً أو غير صائم قبل الزوال أو بعد الزوال وعلى كل حال ( [75] ).
3- وحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ش قال : (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)( [76] ) .
وجه الدلالة من الحديث أن فيه حثاً على السواك دون تقييد بزمن معين ويدخل فيه وقت مابعد الزوال .
4- حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله ش (مالا أحصى يتسوك وهو صائم)( [77] ) .
5- ماروى عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم ؟ قال : نعم ، قلت : أي النهار ؟ قال : غدوة أو عشية ، قلت : إن الناس يكرهونه عشية ، ويقولون : إن رسول الله ش قال : (( لخلوف( [78] ) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ))، قال : سبحان الله لقد أمرهم رسول الله ش بالسواك حين أمرهم وهو يعلم أنه لابد أن يكون بفم الصائم خلوف وإن استاك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمداً ، مافي ذلك من الخير شيء بل فيه شر إلا من ابتلى ببلاء لا يجد منه بداً ( [79] ) .
استدل أصحاب القول الثاني بالأدلة التالية :
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
. . .والذي نفسي بيده لخلَوفَ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسـك)( [80] ) .
وجه الدلالة من الحديث : أن النبي ش قد بين أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، والسواك يقطع ذلك فوجب أن يكره( [81] ) .
2- حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه أن النبي ش قال : (إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامه)( [82] ) .
3- ولأنه أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد( [83] ) .
وقد أجاب أصحاب القول الثاني عن أدلة أصحاب القول الأول :
بأنها عامة مخصوصة والمراد بها غير الصائم آخر النهار( [84] ) .
وأجاب أصحاب القول الأول عن أدلة أصحاب القول الثاني بمايأتي :
1- إدعاء أن السواك يقطع خلوف فم الصائم رد عليه ابن القيم من ستة أوجه :
أ- أن المضمضة أبلغ من السواك في قطع خلوف الفم ، وقد أجمع على مشروعيتها للصائم .
ب- أن رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصائم .
ج- أن محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم .
د- أن السواك لا يمنع طيب الخلوف الذي يزيله السواك عند الله يوم القيامة .
هـ- أن الخلوف لا يزول بالسواك لأن سببه قائم وهو خلو المعدة من الطعام .
و- أن النبي ش علم أمته مايستحب ومايكره لهم في الصيام ، ولم يجعل السواك من المكروه ( [85] ) .
2- حديث خباب ابن الأرت رضي الله عنه حديث ضعيف كما تبين في تخريجه لا يحتج به .
3- قولهم إنه أثر عبادة مشهود له بالطيب فكره إزالته كدم الشهيد .
أجيب عنه : بأن أثر العبادة اللائق به الإخفاء بخلاف الشهيد ، فإن غرض الشارع من بقاء دم الشهيد ليشهد له على خصمه يوم القيامة ، وأيضاً فإن دم الشهيد قد جاء النص بعدم إزالته حيث أنه يبعث علــــى ماقتل عليه اللون لون الدم والريح ريح مسك بخلاف إزالة رائحة الفم فإنه لم ينص على عدم إزالة أثره ( [86] ) .
والراجح : جواز استعمال السواك للصائم في كل وقت حتى بعد الزوال لعموم النصوص الواردة في الحث عليه من غير تخصيص وقت دون آخر .
قال ابن القيم رحمه الله ولا صح عنه ش أنه نهى الصائم عن السواك أول النهار وآخره بل قد روى خلافه( [87] ) .
وأفتى بهذا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ورجحه( [88] ) .
ورجحه فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله( [89] ) .